كيف تتناقش مع المدمن ؟ |
الحوار مصطلح قديم.. قدم البشرية .. بل قبل البشرية فقد حصل حوار بين رب العالمين سبحانه وتعالى و إبليس دافع المدمنين وسائق المجرمين.. فكيف لا نتحاور نحن مع المدمن الذي وقع فريسة الخطأ أو التغريرولذا فإن محاور الحوار في أي قضية أصبحت فنا ً يدرس وعلما ً يُتلقى . بل هناك دورات على مستويات عالية تعلم هذا الفن
وعندما نكتب عن محاورة المدمن فإننا نلحظ تباينا ً كبيرا ً في الاهتمام ببعض الجوانب النفسية والجوانب العاطفية والاجتماعية والشرعية مع إغفال الجوانب الأخرى .. وفي نظري أن التكامل هو الأصلح والأهم .. وقد استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم مع مدمن لنوع آخر من المحرمات .. وهو مدمن الزنا , فخاطبه خطاب المشاعر أولا ً , هل ترضاه لأمك ؟ هل ترضاه لأختك ؟ هل ترضاه لزوجتك ؟ فكانت الإجابات بالنفي : وهنا تحرك الجانب الاجتماعي الممزوج بالعاطفة المتعلقة .
ومع ذلك لم يغفل النبي صلى الله عليه وسلم الجانب الشرعي فوضع يده على صدره ودعا له !.
وسأحكي لك أيها القاري الكريم حكاية حوار تم مع مدمن أرسل لي الرسالة التالية لعرضها في برنامج ( نور على الدرب ) .
أنا أخوكم ( أ . س ) من شمال المملكة . كنت منذ أكثر من خمس وعشرين عاما ً أقوم بترويج حبوب مخدرة وبعض المواد الأخرى مثل الحشيش . وقد تضرر بهذا الأمر أكثر من مائة شخص أعرف بعضهم .. بل إن بعضهم حصلت له مشاكل كبيرة ودخل السجن , وبعضهم مات من جراء استخدام هذه الحبوب بإفراط وشخص آخر تعاطاها وأخذ أفراد عائلته قبل حوالي اثنتي عشر عاما ً وحصل له حادث مات فيه جميع من معه .. وقصص أخرى كثيرة لا أحصيها حولت حياتي إلى جحيم .. وهي تمر عليّ وفي ذهني كل لحظة .. سأقول لكم حالي الآن ولا أرجو منكم عطفا ً أو شفقة لكن هذا هو الحق.. والله لا تفوتني صلاة فريضة في المسجد إلا في أضيق الحدود , أحافظ على النوافل أصوم ثلاثة أيام من كل شهر أقرأ القرآن كثيرا ً والحمد لله على كل حال , لكن يا فضيلة الشيخ لازلت أنظر إلى هذه الأرواح التي أزهقت والأسر التي ضيعت والأخلاق التي هدمت بسبب صنيعي ومن معي فماذا علي تجاه الباقين منهم هل علي دية أم كفارة ..؟
إلى آخر الرسالة وما فيها من أسئلة .. فكان رد الشيخ بعد تهنئته بالتوبة وحثه على الاستمرار أن قال له : أما من ذكرت فستقف أنت وإياهم خصوما ً عند العزيز العليم ! فيا أيها المدمن والمروج , ليست القضية شهوة لحظة لكنها حسرة دائمة .. خصوم سيطالبونك وهموم ستتعب حياتك فمتى تراجع نفسك وتخلصها من هذا الوباء .
أسأل الله تعالى أن يسلم الجميع من الشرور والبلاء وأن يرزقنا جميعا ً التوبة والإنابة .
د . فهد بن عبد العزيز السنيدي
0 التعليقات:
إرسال تعليق